في ذكري مرور أربعين سنة أمس الأول علي حرب يونيو 1967. كانت هناك فرصة أمام الرئيس الأمريكي بوش. أن يوجه إلي شعوب الشرق الأوسط "رسالة سلام". يتعهد فيها. باسم الولايات المتحدة. بعمل جاد من أجل إزالة آثار هذه الحرب. وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية والسورية. وإنهاء عذابات شعوب المنطقة. والتوجه نحو سلام حقيقي عادل وشامل علي أساس قرارات الشرعية الدولية. ودعوة المجتمع الدولي لمساندة ودعم هذا التوجه بكل ما يملك من إمكانيات.
لو كان الرئيس بوش قد فعل ذلك. لعبّر بهذا التصرف عن زعامة حقيقية خلاقة. وقدم للعالم كله. قبل شعوب الشرق الأوسط. صورة تستحق الاحترام لقوة عظمي تدرك أن مسئوليتها تجاه العالم هي قيادته نحو السلام والرخاء وليس صب المزيد من الزيت علي الحرائق المشتعلة فيه. وتفجيره بالحروب والصراعات.
لو كان الرئيس بوش قد فعل ذلك. لحقق. ببضعة سطور مجانية. ما لم. ولن تحققه مئات الملايين من الدولارات التي ينفقها كل عام من أجل تجميل صورة بلاده في عيون العالم. وتخفيف مشاعر العداء التي تواجهها أمريكا وممثلوها في كل مكان في العالم. وفي مختلف المناسبات.
لو كان الرئيس بوش قد فعل ذلك. لكان قد سلك الطريق الطبيعي والمنطقي المطلوب في هذه المناسبة.. وذلك للاعتبارات التالية:
1- مسئولية أمريكا عن حرب يونيو .1967 فقد كان الهدف الاستراتيجي لهذه الحرب أمريكيا قبل أن يكون إسرائيليا. هو كسر شوكة "مصر عبدالناصر" بعد أن انتقلت عدوي التمرد علي السياسات الأمريكية منها إلي كل قارات العالم وأصبحت هذه الروح تشكل خطراً مباشراً علي المصالح الأمريكية.
ولذلك. فقد وضعت أمريكا بقيادة ليندون جونسون كل ثقلها وراء إسرائيل في هذه الحرب.
2- مسئولية أمريكا. بعد ذلك. عن السلام.. فقد كانت "الراعي الرسمي" لاتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. ثم معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل.. ثم مفاوضات "أوسلو" التي أنشأت السلطة الفلسطينية علي الأراضي الفلسطينية.. ومازالت أمريكا صاحبة قرار فعلي في جهود السلام.. تقدماً أو تعويقاً.. حتي في ظل وجود اللجنة الرباعية الدولية التي تضم معها روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
3- إن الرئيس بوش بالذات. هو صاحب رؤية الدولتين لحل المشكلة الفلسطينية.. دولة إسرائيل. ودولة فلسطين. وهو لا يترك مناسبة تمر دون أن يجدد التزامه بهذه الرؤية.. وقد كانت ذكري مرور أربعين سنة علي حرب يونيو 1967. مناسبة مهمة لتأكيد ذلك.
4- إن الرئيس بوش كان - أول أمس - في طريقه لحضور قمة الدول الثماني الكبري في ألمانيا.. وملف الشرق الأوسط أحد الملفات الساخنة المطروحة علي جدول أعمال هذه القمة. وكان يمكنه ب "رسالة السلام" هذه أن يشيع روح التفاؤل داخل القمة وخارجها. بما يدفع لبذل مزيد من الجهد لتصحيح مسار عملية السلام في الشرق الأوسط ودفعها للأمام.
5- إن الرئيس بوش يواجه مأزقا حقيقيا في العراق. وهو لا يخفي احتياج الولايات المتحدة لمساعدة شعوب وقيادات المنطقة لها للخروج المشرف من هذا المأزق.. وكانت "رسالة سلام" في هذا اليوم. كفيلة بإظهار استحقاق الولايات المتحدة لهذه المساعدة.
6- إن الرئيس بوش يكرر في كل وقت شعاره الثلاثي: الحرية - الديمقراطية - الازدهار الاقتصادي. في أي موقف يتعلق بالشرق الأوسط وبلدانه.. فحين احتل العراق قال: "نريد عراقاً حراً ديمقراطياً مزدهراً".. وحين طرح مشروعه عن الشرق الأوسط الكبير أو الموسع. فعل ذلك تحت ذات الشعار.. والآن يريد لبنان حراً ديمقراطياً مزدهراً.. ويحلم بسوريا أيضاً كذلك.. إلي آخره.
ويعلم الرئيس بوش جيداً. أنه بدون سلام.. لا حرية ولا ديمقراطية ولا ازدهار.
وأنه لا يوجد شعب حر.. في وطن محتل.
وأن أمريكا نفسها لم تتحدث عن الحرية والديمقراطية والازدهار. وتمارسها عملياً إلا بعد أن انتصرت في حرب الاستقلال.
المهم.. كانت أمام الرئيس بوش هذه الفرصة..
وبدلاً من أن يستثمرها في توجيه "رسالة سلام" إلي كل شعوب الشرق الأوسط. استغلها في مطالبة مصر بالإفراج الفوري وغير المشروط عن.. أيمن نور..!
فقبل أن يصل إلي ألمانيا لحضور القمة. توقف بوش في براغ. عاصمة التشيك. حيث كان يعقد مؤتمر دولي عن "الأمن والديمقراطية" يضم ممثلي التيارات المعارضة في دول مختلفة من العالم.
ووقف الرئيس بوش أمام المؤتمر.. وبدلاً من أن يوجه رسائل سلام.. وزع عدداً من الانتقادات في مختلف الاتجاهات.
اتهم روسيا بأنها أخرجت الإصلاحات التي كانت تسمح بإعطاء السلطة للشعب. عن مسارها. وأن نتائج ذلك تثير القلق علي صعيد التطور الديمقراطي.
واتهم الصين بأنها مازالت تقاوم الانفتاح السياسي.
وتلفت بوش حوله بين جنبات قاعة المؤتمر لينعي للحاضرين غياب عدد من رموز العمل الديمقراطي من بورما وبيلاروس وكوبا وفيتنام.. ومصر. فلم يتمكنوا من حضور المؤتمر لأنهم رهن السجن أو الاعتقال في بلادهم.
وفي لهجة آمرة. طلب بوش الإفراج فوراً عنهم.. وبلا شروط.
ويعرف الرئيس بوش. أن الدول التي ذكرها لا تتشابه في أنظمتها السياسية.. كما أن الأسباب التي وراء كل حالة من هذه "الرموز" مختلفة.
بورما مثلاً تخضع لحكم عسكري.. كوبا نظامها شيوعي.
زعيمة المعارضة في بورما. موضوعة تحت الإقامة الجبرية لأسباب سياسية.. أيمن نور مسجون بحكم قضائي في قضية تزوير وبعد محاكمة مدنية علنية.
لكن "البقر" تشابه علي الرئيس بوش. كما تتشابه عليه مفاهيم الاحتلال والحرية والقهر والديمقراطية.. والعنف والازدهار الاقتصادي.
إن أيمن نور. في أي الأحوال. مواطن مصري. اتهم في قضية تزوير. وحوكم أمام قاضيه الطبيعي. وأتيحت له فرصة كاملة للدفاع عن نفسه سواء بنفسه كمحام أو بهيئة الدفاع التي اختارها. وتقديم كل ما ينفي عنه هذا الاتهام.. ثم صدر الحكم عليه من قضاء معروف في العالم كله بنزاهته. وهو يقضي حاليا فترة العقوبة متمتعا بكامل حقوق السجناء ذوي الحالات المشابهة له.. وكل ذلك جري في العلن. ونقلت وكالات الأنباء والفضائيات وقائعه لحظة بلحظة.
وحين تعرب مصر عن دهشتها واستيائها من مطالبة الرئيس بوش بالإفراج عنه فورا وبلا شروط.. فهذا هو الحد الأدني من التعبير عن مشاعر المصريين الحقيقية تجاه مثل هذه التصريحات.
* الشعب المصري يعتز بكرامته. ويرفض أي تدخل في شئونه الداخلية.
* الشعب المصري يعتز بقضائه. ويثق في نزاهته. ولا يقبل تشكيكا فيه. أو إيحاء بأنه يقضي في الأمور المدنية باعتبارات سياسية.
* الشعب المصري يرفض اختصاره وهو 77 مليون نسمة في شخص واحد أياً كان هذا الشخص. واستخدامه كورقة ضغط أو ابتزاز ضده من أي جهة كانت.
* الشعب المصري لا يمكن أن يشعر بالاحترام تجاه مفهوم لعلاقة استراتيجية بين دولتين يرهن هذه العلاقة. في أي وقت. بأي فرد. أو بأي واقعة.. لأن في ذلك سقوطا بهذه العلاقة وإهمالا لكافة العناصر الإيجابية فيها.
* رد الفعل الطبيعي لدي الشعب المصري هو: من يؤيده الخارج. يتخلي عنه الداخل. فلا يوجد مصري يقبل أن يملي عليه الخارج شيئا أو يفرض عليه شخصا.
* الحرية والديمقراطية شعب.. لا فرد.. فلا أيمن نور هو الحرية.. ولا سعد الدين إبراهيم هو الديمقراطية.. وبهما أو بدونهما. فإن مصر تمضي بخطي ثابتة ومستقرة علي طريقهما.
شكرا.. للدكتور سرور
حسنا فعل الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب حين قرر عدم عرض أو مناقشة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول قضية أكياس شركة "هايدلينا" للدم. بعد أن أحالت النيابة القضية للجنايات. وذلك كما صرح الدكتور سرور احتراما لقرار النيابة. ولسير التحقيقات. وحتي لا تختلط الأوراق. باعتبار ان التقدير السياسي والبرلماني يختلف عن التقدير القضائي.
لقد كنت طلبت من الدكتور سرور في هذا المكان يوم الخميس الماضي تحت عنوان "أفتنا يا دكتور سرور" أن يحل لنا هذا الاشكال. وهو اعلان تقارير تقصي الحقائق في البرلمان. في قضايا تتداولها النيابة العامة. وقبل أن يصدر قرارها فيها. بما يوحي للعامة باحتمال تأثير نتائج هذه التقارير علي سير التحقيقات في هذه القضايا. وضربت مثلا بقضيتي العبارة.. وهايدلينا.
ولم يرد الدكتور سرور علي طلبي بمكالمة هاتفية.. أو رسالة مكتوبة.. وإنما بإجراء عملي قوي وواضح المغزي.. وهو المطلوب.
ولهذا يزداد تقديري له يوما بعد يوم.
صلاح الغمري.. استراحة محارب
لم أكن أعرف الأستاذ صلاح الغمري. علي المستوي الشخصي. قبل أن يتولي رئاسة مجلس ادارة مؤسسة الأهرام في يوليو 2005. رغم انه كان يرأس قبلها. ولسنوات عديدة. الشركة القومية للتوزيع.. احدي المؤسسات القومية العشر في الصحافة المصرية.
وحين تزاملنا وتعددت لقاءاتنا. اكتشفت فيه خبيرا ضليعا في الادارة. عاشقا ل "الأهرام" يحمل همومه أينما ذهب. حتي انني كنت أشفق عليه. وهو يقضي في مكتبه أغلب ساعات النهار وبعضا من الليل وسط الملفات الشائكة وما أكثرها في مؤسسة بحجم الأهرام يدرس ويقرر. ويواجه. بفكر هاديء. ورؤية واضحة. وخلق جم.
الآن يأخذ الأستاذ صلاح الغمري "استراحة محارب" بعد أن سلم الراية لزميل عزيز هو الأستاذ مرسي عطا الله رئيس مجلس الادارة الجديد.
كل التحية لصديقي المحارب.. والتمنيات الطيبة ل "الأهرام" بقيادة مرسي عطا الله.
من أجندة الأسبوع
** إعصار عنيف يضرب شواطيء سلطنة عمان واليمن.. الخبر نشرته صحفنا بدون العبارة الشهيرة التي تؤكد ان المصريين هناك بخير..!
** دول خليجية تبرعت بعشرات الملايين من الدولارات لضحايا إعصار كاترينا حين ضرب سواحل ولاية فلوريدا الأمريكية.. سلطنة عمان عضو بمجلس التعاون الخليجي.. واليمن مرشحة للعضوية.
** منظمة العفو الدولية تنتقد أوضاع حقوق الانسان عندنا.. منظمة العمل الدولية تتهمنا بالتمييز في الوظائف ضد الأقباط.. ونحن نرد بأن هذه المنظمات تعتمد في تقاريرها علي معلومات وبيانات غير دقيقة.. أين هذه المعلومات والبيانات؟! وعند من؟! ومن المسئول عن عدم تزويد هذه المنظمات بها حتي نحاسبه علي تشويه سمعة بلد وشعب وحكومة؟!
** د. يوسف غالي: البطالة تنتهي بعد 5 سنوات.. د. نظيف: الغلاء ينحسر في نهاية الصيف!! ولا تعليق..!